تفسير ابن كثر - سورة الإسراء - الآية 76

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) (الإسراء) mp3
قِيلَ نَزَلَتْ فِي الْيَهُود إِذْ أَشَارُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُكْنَى الشَّام بِلَاد الْأَنْبِيَاء وَتَرْك سُكْنَى الْمَدِينَة . وَهَذَا الْقَوْل ضَعِيف لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَة مَكِّيَّة وَسُكْنَى الْمَدِينَة بَعْد ذَلِكَ وَقِيلَ إِنَّهَا نَزَلَتْ بِتَبُوك وَفِي صِحَّته نَظَر . رَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ الْحَاكِم عَنْ الْأَصَمّ عَنْ أَحْمَد بْن عَبْد الْجَبَّار الْعُطَارِدِيّ عَنْ يُونُس بْن بُكَيْر عَنْ عَبْد الْحَمِيد بْن بَهْرَام عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن غَنْم أَنَّ الْيَهُود أَتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم إِنْ كُنْت صَادِقًا أَنَّك نَبِيّ فَالْحَقْ بِالشَّامِ فَإِنَّ الشَّام أَرْض الْمَحْشَر وَأَرْض الْأَنْبِيَاء فَصَدَّقَ مَا قَالُوا فَغَزَا غَزْوَة تَبُوك لَا يُرِيد إِلَّا الشَّام فَلَمَّا بَلَغَ تَبُوك أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ آيَات مِنْ سُورَة بَنِي إِسْرَائِيل بَعْدَمَا خُتِمَتْ السُّورَة " وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَك مِنْ الْأَرْض لِيُخْرِجُوك مِنْهَا إِلَى قَوْله " تَحْوِيلًا " فَأَمَرَهُ اللَّه بِالرُّجُوعِ إِلَى الْمَدِينَة وَقَالَ : فِيهَا مَحْيَاك وَمَمَاتك وَمِنْهَا تُبْعَث . وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد نَظَر وَالْأَظْهَر أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَغْزُ تَبُوك عَنْ قَوْل الْيَهُود وَإِنَّمَا غَزَاهَا اِمْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّار " وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه وَرَسُوله وَلَا يَدِينُونَ دِين الْحَقّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة عَنْ يَد وَهُمْ صَاغِرُونَ " وَغَزَاهَا لِيَقْتَصّ وَيَنْتَقِم مِمَّنْ قَتَلَ أَهْل مُؤْتَة مِنْ أَصْحَابه وَاَللَّه أَعْلَم . وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَحُمِلَ عَلَيْهِ الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ عقير بْن مَعْدَان عَنْ سُلَيْم بْن عَامِر عَنْ أَبِي أُمَامَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أُنْزِلَ الْقُرْآن فِي ثَلَاثَة أَمْكِنَة مَكَّة وَالْمَدِينَة وَالشَّام " قَالَ الْوَلِيد يَعْنِي بَيْت الْمَقْدِس وَتَفْسِير الشَّام بِتَبُوك أَحْسَن مِمَّا قَالَ الْوَلِيد إِنَّهُ بَيْت الْمَقْدِس وَاَللَّه أَعْلَم . وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي كُفَّار قُرَيْش هَمُّوا بِإِخْرَاجِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ فَتَوَعَّدَهُمْ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة وَأَنَّهُمْ لَوْ أَخْرَجُوهُ لَمَا لَبِثُوا بَعْده بِمَكَّة إِلَّا يَسِيرًا وَكَذَلِكَ وَقَعَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَعْد هِجْرَته مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ بَعْدَمَا اِشْتَدَّ أَذَاهُمْ لَهُ إِلَّا سَنَة وَنِصْف حَتَّى جَمَعَهُمْ اللَّه وَإِيَّاهُ بِبَدْرٍ عَلَى غَيْر مِيعَاد فَأَمْكَنَهُ مِنْهُمْ وَسَلَّطَهُ عَلَيْهِمْ وَأَظْفَرَهُ بِهِمْ فَقَتَلَ أَشْرَافهمْ وَسَبَى ذَرَارِيّهمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • رسالة رمضان

    رسالة رمضان : قال المؤلف - رحمه الله -: « فهذه رسالة مختصرة جامعة فيما يهم المسلم في شهر رمضان من صيام وقيام وقراءة قرآن وصدقة وغير ذلك مما ستراه موضحًا فيها إن شاء الله تعالى ».

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/231257

    التحميل:

  • من أقوال المنصفين في الصحابي الخليفة معاوية رضي الله عنه

    من أقوال المنصفين في الصحابي الخليفة معاوية رضي الله عنه : هذه الرسالة تحتوي على حديث عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - مشتملٌ على ذكر بعض أقوال المنصفين فيه، وذكر بعض أقوال السلف في خطورة الطعن فيه - رضي الله عنه -، ومنها قول أبو توبة الحلبي: { إن معاوية بن أبي سفيان ستر لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن كشف الستر اجترأ على ما وراءه }.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/30585

    التحميل:

  • التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية

    العقيدة الواسطية : رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية؛ لذلك حرص العلماء وطلبة العلم على شرحها وبيان معانيها، ومن هذه الشروح شرح فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -. ملحوظة: الكتاب نسخة مصورة من إصدار دار الوطن للنشر بالمملكة العربية السعودية.

    الناشر: دار الوطن https://www.madaralwatan.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/311361

    التحميل:

  • الإرشاد إلى توحيد رب العباد

    الإرشاد إلى توحيد رب العباد : رسالة مختصرة في علم التوحيد، وتحتوي على مقتطفات مهمة من رسائل الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض - شبكة الألوكة https://www.alukah.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/265560

    التحميل:

  • أحاديث منتشرة لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم

    في هذه الرسالة التحذير من أكثر من عشرين حديثاً لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/307923

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة